إرهاق التعاطف الرقمي: عندما يتحوّل الاهتمام بمآسي العالم إلى عبء نفسي

التعاطف الرقمي عندما يتحوّل الاهتمام بمآسي العالم إلى عبء نفسي scaled إرهاق التعاطف الرقمي: عندما يتحوّل الاهتمام بمآسي العالم إلى عبء نفسي 1







إرهاق التعاطف الرقمي: عندما يصبح الاهتمام بمآسي العالم عبئًا على الصحة النفسية

إرهاق التعاطف الرقمي: عندما يتحوّل الاهتمام بمآسي العالم إلى عبء نفسي

مقدمة مختصرة: في عصر الشاشات والتدفق اللحظي للأخبار والصور، بات كثيرون يختبرون نوعًا من الإجهاد العاطفي لا يختص بمتابعة الأخبار السيئة وحدها بل بالتعاطف المتكرر مع مآسي بعيدة — تعاطف لا يقترن بفعل، فيولد شعوراً بالذنب، والعجز، والفتور العاطفي.

ما هو “إرهاق التعاطف الرقمي”؟

نقصد به تراكم الضيق النفسي والضغط الناتج عن التعرض المتكرر والمتواصل لمحتوى مؤلم (حروب، كوارث، قصص نزوح، صور موت ومعاناة) عبر وسائل الإعلام الاجتماعية والأخبار الرقمية، بحيث يتحول التعاطف من رافد إنساني إلى مصدر اضطراب عاطفي. ظاهرة قريبة من مفاهيم مثل “الإجهاد التعاطفي/الوظيفي” و”الإصابة الثانوية بالصدمة” التي وُصفت في الأدبيات النفسية.


:contentReference[oaicite:0]{index=0}

لماذا تختلف هذه الظاهرة اليوم؟ (العامل الرقمي)

  • الوفرة البصرية: تدفق لانهائي من الصور والفيديوهات يعرّض المشاهدين لصدمات متكررة دون وقت للمعالجة.
  • الانطباع بالمشاركة: الشعور بأنك “معني” لكونك تشاهد أو تشارك، بينما تبقى الفعلية ضئيلة أو معدومة.
  • آليات التعزيز في المنصات: الخوارزميات تعيد تقديم المحتوى المؤلم، مما يزيد من التعرض والتراكم العاطفي. دراسات حديثة تربط استخدام وسائل التواصل بزيادة احتمالات «التروما بالمشاهدة» أو تأثرات شبيهة.

:contentReference[oaicite:1]{index=1}

الآثار النفسية والسلوكية الممكنة

من بين الأعراض الشائعة:

  1. الشعور المستمر بالذنب أو القصور لأن الفرد لا يستطيع “إنقاذ” من يشاهد معاناتهم.
  2. الإحباط والعجز أمام ضخامة المشكلات العالمية.
  3. الفتور العاطفي أو التبلد (numbing) كآلية دفاعية تمنع الانهيار النفسي.
  4. أعراض شبيهة بالقلق أو الاكتئاب، واضطرابات النوم أو الكسل الاجتماعي في الحالات الشديدة.

هذه الأعراض متوافقة مع مفاهيم مثل compassion fatigue وsecondary traumatic stress الموضحة في الأبحاث النفسية.

:contentReference[oaicite:2]{index=2}

لماذا لا يكفي “التعاطف الرقمي” وحده؟

التعاطف الذي لا يقترن بعامل فعّال (معلومة، مساهمة، دعم مادي أو تطوّعي أو حتى مشاركة واعية) قد يولّد حلقة مفرغة: المشاهد يتأثر عاطفياً، يشعر بالعجز، ثم قد يتجنّب الموضوع لاحقًا — أو يصبح أقل حساسية لصور الألم، ما يُسمّى “تبلد التعاطف”. لذا ليست المشكلة في العطف نفسه، بل في نمط التعاطف الرقمي غير الفعّال.

:contentReference[oaicite:3]{index=3}

استراتيجيات عملية للوقاية وإدارة إرهاق التعاطف الرقمي

فيما يلي خطوات يمكن تطبيقها يوميًا ومؤسسيًا:

  • تنظيم التعرض الإعلامي: حدّد أوقاتًا محددة للاطلاع على الأخبار وابتعد عن التصفّح اللامنتهي.
  • اختيار مصادر موثوقة ومُصحّحة: متابعة تقارير من منظمات صحية وعالمية موثوقة تقلّل من التوهان والقلق المفرط. مثال: تقارير منظمة الصحة العالمية عن أثر الكوارث على الصحة النفسية. (WHO).
  • التحويل إلى فعل صغير ومؤثر: بدلاً من الشعور بالعجز، حدّد إجراءً قابلاً للتنفيذ (تبرع، تطوع، مشاركة مصدر موثوق، توقيع عريضة موثوقة أو دعم منظمات محلية). الأفعال الصغيرة تقلّل الشعور بالذنب وتعزز الإحساس بالفاعلية.
  • ممارسة العناية الذاتية والحدود الرقمية: نوم كافٍ، تقنيات تنفّس، فصل الأجهزة قبل النوم.
  • التنشئة على التعاطف الفاعل: تشكيل دوائر معرفية تربط المشاهدين بمصادر تشرح كيف يمكنهم المساعدة فعليًا (تعليم، دعم نفسي مجتمعي، دعم جمعيات موثوقة).
  • طلب الدعم المهني عند الحاجة: عند ملاحظة أعراض شديدة، يلزم التواصل مع أخصائي نفسي أو خطوط دعم محلية. مؤسسات الصحة النفسية توفر إرشادات للتعرّف إلى الضائقة والتعامل معها.

:contentReference[oaicite:4]{index=4}

مراجع وروابط مفيدة للقراءة والدعم

مقالات ذات صلة