تربية الموهوب بين المنهج الشرعي والنظريات التربوية الحديثة

الموهوب بين المنهج الشرعي والنظريات التربوية الحديثة scaled تربية الموهوب بين المنهج الشرعي والنظريات التربوية الحديثة 1






تربية الموهوب بين المنهج الشرعي والنظريات التربوية الحديثة



تربية الموهوب بين المنهج الشرعي والنظريات التربوية الحديثة

مقدمة

تعد رعاية الموهوبين أحد أبرز استراتيجيات الاستثمار في رأس المال البشري للأمة. فالموهبة تمثل طاقة كامنة تحتاج إلى رعاية منهجية تمكن الفرد من تطوير قدراته بما يخدم الدين والمجتمع. وقد سبقت الشريعة الإسلامية كل النظريات الحديثة في التأكيد على تنمية الإنسان وفق مواهبه، إذ قال تعالى:

﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: 21]

ويعكس هذا النص أهمية التعرف على القدرات منذ الصغر وتنميتها بما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع.

المفهوم الشرعي لتربية الموهوب

الموهبة من المنظور الشرعي هي نعمة ومسؤولية. قال تعالى: ﴿آتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ [مريم: 12]. ويشير ذلك إلى أن الله يمنح القدرة مبكرًا، لكن التوجيه والرعاية شرط لنمو هذه القدرة. كما أن النبي ﷺ كان يربي الصحابة وفق قدراتهم، فكان يوجه كل فرد إلى ما يناسبه من العلم والعمل.

قال ابن القيم في مدارج السالكين: “النعمة إذا لم تُصرف في مرضاة المنعم كانت استدراجًا”.

الرؤية التربوية الحديثة

تعرف الدراسات الحديثة الموهبة بأنها قدرة عالية في مجال محدد تظهر تفوقًا واضحًا على الأقران. ولرعاية الموهوبين يتطلب بيئة تعليمية محفزة ومحترمة لخصوصية التفكير، إضافة إلى برامج إثرائية متنوعة.

  • نظرية الذكاءات المتعددة لهوارد جاردنر، التي تؤكد أن الذكاء متعدد الأبعاد وليس مقصورًا على اللغوي أو المنطقي.
  • تصنيف بلوم للأهداف التعليمية، الذي يتيح الانتقال من الفهم إلى التطبيق ثم الإبداع.

التكامل بين المنهج الشرعي والنظريات الحديثة

لا يوجد تعارض بين الشرع والعلم، بل الشرع يوجه استثمار المعرفة لخدمة الإنسان والدين. ومنهج رعاية الموهوبين يتكامل مع التوجيه الشرعي ليحقق النمو الأمثل للقدرات.

إيمان راسخ + علم متين + توجيه تربوي = موهبة مثمرة

فالابتكار والإبداع من منظور الموهوب المسلم يمثل نوعًا من الشكر العملي لله.

التوصيات العملية

  1. إنشاء برامج تربوية شرعية تجمع بين التحفيظ والفكر والإبداع.
  2. توجيه الموهبة لخدمة قضايا الأمة، مع ترسيخ التواضع وشكر النعمة.
  3. تدريب المعلمين على مهارات اكتشاف المواهب وتنميتها وفق أسس علمية شرعية.
  4. بناء شراكات بين المدارس والجامعات الإسلامية لتطوير برامج إبداعية تطبيقية.

خاتمة

تربية الموهوب واجب حضاري لا ترف تربوي، إذ أن الجمع بين الإيمان والعلم يجعل الموهوب منارات هداية وإبداع في الأمة.

قال الإمام الشافعي رحمه الله: “لو أن أهل العلم صانوا العلم ورفعوه، لارتفعت بهم الدنيا والآخرة.”

المراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن القيم، مدارج السالكين.
  • Howard Gardner, Frames of Mind: The Theory of Multiple Intelligences, Basic Books, 2011.
  • Bloom, Benjamin S. Taxonomy of Educational Objectives, Longman, 1956.
إعداد ونشر: الشيخ مروان عبد الوهاب قبطان


مقالات ذات صلة